- 13 يوليو 2025
- / 90
حققت أسعار الفضة في السوق المحلية مكاسب قوية بنسبة 3% خلال تعاملات الأسبوع الماضي، وسط أداء إيجابي انعكس على الأسواق العالمية أيضًا، حيث تجاوزت الأوقية حاجز 38 دولارًا مسجلة مكاسب أسبوعية قدرها 4%، وفقًا لتقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن» Safe Haven Hub.
وأوضح التقرير أن هذا الأداء اللافت للفضة يعود إلى عدة عوامل مجتمعة، على رأسها ارتفاع الطلب الاستثماري والصناعي بشكل ملحوظ، في ظل نقص حاد في المعروض العالمي من المعدن، إلى جانب تصاعد التوترات التجارية العالمية، خاصة بعد فرض الإدارة الأمريكية رسومًا جمركية جديدة مؤخرًا.
أسعار الفضة محليًا وعالميًا
على الصعيد المحلي، ارتفع سعر جرام الفضة عيار 800 بنحو 1.5 جنيه خلال الأسبوع، صاعدًا من 50.50 جنيه إلى 52 جنيهًا، فيما سجل سعر جرام الفضة عيار 999 نحو 65 جنيهًا، وعيار 925 حوالي 60 جنيهًا، بينما بلغ سعر جنيه الفضة عيار 925 نحو 480 جنيهًا.
أما في الأسواق العالمية، فقد صعدت أوقية الفضة من 36.86 دولارًا إلى 38.32 دولارًا، وهو ما يمثل مكاسب أسبوعية قوية ويعكس الطلب المتزايد عالميًا على المعدن الرمادي.
مكاسب قوية منذ بداية 2025
وبحسب تقرير "الملاذ الآمن"، فقد ارتفعت أسعار الفضة محليًا بنسبة 27% منذ بداية عام 2025، أي ما يعادل نحو 11 جنيهًا للجرام (عيار 800)، حيث بدأ العام عند مستوى 41 جنيهًا. أما عالميًا، فقد قفزت الأوقية بنسبة 32% منذ بداية العام، مرتفعة من 29 دولارًا إلى 38.32 دولارًا، وهو أعلى مستوى تسجله الفضة منذ أكثر من 13 عامًا.
اضطرابات السوق العالمية تدفع الفضة إلى الصدارة
يشهد سوق الفضة العالمي مرحلة جديدة تتسم بارتفاع كبير في تكاليف الاقتراض، وتراجع ملحوظ في السيولة، خاصة في مراكز التداول الرئيسية مثل لندن، إلى جانب اتساع الفجوات السعرية بين بورصات عالمية كبرى مثل بورصة كومكس وبورصة لندن، ما يشير إلى حالة من التذبذب وعدم الاستقرار في أسواق المعادن الثمينة.
كما ساهمت زيادة الرسوم الإضافية على الفضة في السوق الأمريكية في تفاقم نقص المعروض وارتفاع الأسعار، في ظل طلب فعلي مرتفع وغير مسبوق.
النحاس يدعم الفضة كمعدن بديل صناعي
في السياق نفسه، سجلت أسعار النحاس ارتفاعًا بنسبة 13% بعد إعلان الحكومة الأمريكية فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على واردات النحاس، ما أدى إلى تحفيز المستثمرين للاتجاه إلى الفضة باعتبارها بديلًا صناعيًا رئيسيًا، خاصة أن العلاقة بين المعدنين وثيقة نظرًا لاستخداماتهما المتقاربة في القطاعات الصناعية.
الفضة تتفوق على الذهب والبلاتين يواصل الصعود
قفزت أسعار الفضة بنسبة 34% منذ أدنى مستوياتها التي سجلتها في أبريل 2025، متفوقة بذلك على الذهب الذي استقر حاليًا عند مستوى 3355 دولارًا للأوقية، في حين ارتفع البلاتين بنسبة 66% ليقترب من حاجز 1500 دولار للأوقية.
هذا الزخم المتسارع في أسعار الفضة منذ أبريل يعكس عودة قوية للمعدن الرمادي في منافسة المعادن الأخرى، لا سيما مع تفوقه النسبي على الذهب في الأداء خلال الأسابيع الأخيرة.
الاستثمارات في الصناديق المدعومة بالفضة تسجل نموًا كبيرًا
كشف تقرير صادر عن معهد الفضة العالمي أن الاستثمارات في الصناديق المدعومة بالفضة تجاوزت 1.13 مليار أوقية حتى نهاية يونيو 2025، مع تدفقات صافية بلغت 95 مليون أوقية خلال النصف الأول من العام فقط، وهو ما يتجاوز إجمالي الاستثمارات في عام 2024 بالكامل.
ويتوقع المعهد أن يصل الاستهلاك الصناعي للفضة خلال العام الحالي إلى نحو 677.4 مليون أوقية، بدعم من الطلب المتزايد في قطاعات الطاقة النظيفة، وعلى رأسها الخلايا الشمسية والتقنيات الكهروضوئية، وهو ما يعزز النظرة المستقبلية الإيجابية للمعدن.
عجز في المعروض للعام الخامس وتراجع في الإنتاج
رغم النمو في الطلب، تواجه السوق العالمية للفضة عجزًا مستمرًا في المعروض للعام الخامس على التوالي، وسط اضطرابات في الإنتاج في دول رئيسية مثل المكسيك وروسيا، إلى جانب تراجع الاعتماد على المناجم الأساسية، حيث تستخرج نحو 70% من الفضة العالمية من عمليات التعدين الثانوية المرتبطة بمعادن أخرى مثل الزنك والنحاس والرصاص.
الفضة مرشحة لتجاوز 50 دولارًا بدعم من عوامل قوية
مع تجاوز أسعار الفضة لمستوى 35 دولارًا في يونيو، رجّح عدد من المحللين أن الوصول إلى مستوى 50 دولارًا للأوقية أصبح ممكنًا خلال الفترة المقبلة، خاصة في ظل تراجع مستويات السيولة الحرة المتاحة للبيع، والتي لا تتجاوز 155 مليون أوقية فقط.
وأشار محللو بنك "سيتي" إلى استمرار الاتجاه الصعودي، متوقعين أن تبلغ أسعار الفضة نحو 40 دولارًا خلال فترة تتراوح بين 6 إلى 12 شهرًا، مع احتمالية ملامسة مستوى 46 دولارًا بحلول الربع الثالث من 2025، مستندين في توقعاتهم إلى قوة العوامل الأساسية المتمثلة في العرض والطلب، والزخم الاستثماري، والنمو المتواصل في الطلب الصناعي.
الفضة: أصل استراتيجي يعيد رسم خريطة المعادن عالميًا
في ضوء تلك التطورات، يتضح أن الفضة لم تعد مجرد معدن ثمين يُستخدم في الحُلي أو كأداة للتحوط، بل باتت أصلًا استراتيجيًا يلعب دورًا متزايد الأهمية في التحولات الاقتصادية العالمية، خاصة في ظل التوجه العالمي نحو الطاقة النظيفة، وارتفاع التوترات الجيوسياسية، ونقص المعروض من المعادن الصناعية.
ومع استمرار هذه الاتجاهات، يرجّح خبراء السوق أن تكون الفضة المفاجأة الكبرى للنصف الثاني من عام 2025، وربما تحقق أداءً يفوق الذهب نفسه، في ظل تزايد الإقبال الاستثماري والصناعي عليها، وتقلّص المعروض بشكل مقلق في الأسواق العالمية.