• / 77

شهدت أسعار الفضة استقرارًا ملحوظًا في السوق المحلية خلال تعاملات يوم السبت، تزامنًا مع عطلة نهاية الأسبوع للبورصات العالمية، وذلك بعد أن تمكنت أوقية الفضة من كسر حاجز 38 دولارًا عالميًا، محققة مكاسب أسبوعية قوية بلغت نحو 4%، وفقًا لتقرير صادر عن مركز «الملاذ الآمن» Safe Haven Hub.

 

ويُعزى هذا الأداء الإيجابي إلى عدة عوامل أبرزها تصاعد التوترات التجارية العالمية، وزيادة الطلب على المعدن الأبيض، بالتزامن مع استمرار أزمة نقص المعروض في الأسواق، وارتفاع تكاليف التمويل، مما دفع المستثمرين إلى اعتبار الفضة أحد أهم الملاذات الآمنة في المرحلة الراهنة.

 

أسعار الفضة محليًا وعالميًا اليوم السبت

 

سجل سعر جرام الفضة عيار 800 في السوق المحلية نحو 51.25 جنيهًا، بينما بلغ سعر جرام الفضة عيار 999 نحو 64 جنيهًا، وسجل عيار 925 حوالي 59.50 جنيهًا. كما وصل سعر جنيه الفضة (عيار 925) إلى 476 جنيهًا.

 

أما على الصعيد العالمي، فقد بلغ سعر أوقية الفضة 38.32 دولارًا، بزيادة قدرها 1.46 دولار خلال تعاملات الأسبوع، لتصل الفضة بذلك إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من 13 عامًا.

 

الفضة تعزز مكانتها كأصل آمن وصناعي وسط اضطرابات الأسواق

 

تزامن صعود أسعار الفضة مع الارتفاع الذي شهدته أسعار الذهب والنحاس خلال نفس الفترة، وهو ما يعزز مكانة الفضة كمعدن يجمع بين الاستخدام النقدي والصناعي. كما يشير التقرير إلى أن الأسواق تمر بمرحلة جديدة تتسم بشح في المعروض، وارتفاع كبير في تكاليف الاقتراض، بالإضافة إلى اتساع الفجوات السعرية بين البورصات العالمية.

 

في الولايات المتحدة، ارتفعت الرسوم الإضافية المفروضة على الفضة، مما يعكس وجود نقص فعلي في المعروض، وزيادة في الطلب الحقيقي. وفي المقابل، يعاني سوق لندن من تقلص في السيولة، وزيادة في تكاليف الاقتراض المرتبطة بالفضة، وهو ما يزيد من الضغوط السعرية المستقبلية.

 

ترامب يشعل الأسواق برسوم جمركية جديدة على الفضة والنحاس

 

أسهمت القرارات السياسية والتجارية الأخيرة الصادرة عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تعقيد المشهد الاقتصادي، حيث أعلن عن فرض رسوم جمركية بنسبة 35% على الواردات الكندية، ورفع الرسوم الجمركية على معظم الشركاء التجاريين إلى نطاق يتراوح بين 15% و20%. كما فرضت الإدارة الأمريكية رسومًا بنسبة 50% على واردات النحاس، الذي تُعد كندا من أبرز مصدريه إلى الولايات المتحدة، إلى جانب الفضة.

 

أدت هذه السياسات إلى اضطراب كبير في سلاسل التوريد العالمية، ودفعت أسعار المعادن الصناعية للارتفاع، في ظل توقعات بمزيد من التصعيد في الحرب التجارية.

 

الطلب الصناعي يقود الفضة نحو مستويات قياسية

 

أشار تقرير مركز «الملاذ الآمن» إلى أن الفضة أصبحت عنصرًا أساسيًا في قطاعات التكنولوجيا والطاقة النظيفة، وخاصة في تصنيع الألواح الشمسية والخلايا الكهروضوئية، مما يعزز الطلب الصناعي عليها بشكل متواصل.

 

ويعاني السوق العالمي للفضة من عجز مستمر في الإمدادات للعام الخامس على التوالي، ومن المتوقع أن يتفاقم هذا العجز خلال الأشهر المقبلة. كما تواجه مناطق تعدين رئيسية مثل روسيا والمكسيك اضطرابات سياسية واقتصادية تؤثر سلبًا على حجم الإنتاج.

 

وبحسب بيانات معهد الفضة، ارتفعت حيازات المنتجات المالية المدعومة بالفضة إلى 1.13 مليار أوقية بنهاية النصف الأول من عام 2025، بزيادة استثمارات صافية قدرها 95 مليون أوقية خلال 6 أشهر، وهو ما يتجاوز إجمالي استثمارات العام السابق، ويعكس ثقة المستثمرين في أداء المعدن الأبيض خلال الفترة القادمة.

 

التوقعات المستقبلية: هل تصل الفضة إلى 50 دولارًا؟

 

في ظل استمرار العجز في العرض، وتراجع الإنتاج من المناجم الأساسية، واعتماد السوق بنسبة تصل إلى 70% على الفضة الثانوية المستخرجة من معادن أخرى، يرى محللون أن الفضة مرشحة لمواصلة الصعود. ومع تجاوز مستوى 35 دولارًا في يونيو الماضي، بات من الممكن تقنيًا تحقيق هدف 50 دولارًا خلال الفترة المقبلة، خاصة في ظل مستويات السيولة المنخفضة جدًا للفضة الحرة المتاحة للبيع، والتي تُقدر بحوالي 155 مليون أوقية فقط.

 

وفي السياق نفسه، ارتفعت أسعار النحاس بنسبة 13% خلال الأسبوع الجاري عقب فرض الرسوم الجمركية، وهو ما أدى إلى تسارع عمليات الاستيراد داخل الولايات المتحدة، واتساع الفجوة بين بورصة كومكس الأمريكية وبورصة لندن للمعادن. ورغم تراجع النحاس قليلاً من ذروته، إلا أنه في طريقه لتحقيق إغلاق أسبوعي قياسي فوق مستوى 5.50 دولار للرطل، وهو ما ينعكس إيجابًا على الفضة نظرًا للارتباط الصناعي بين المعدنين.

 

أما الذهب، فقد استقر عند مستوى 3355 دولارًا للأوقية، بينما ارتفعت أسعار البلاتين بنسبة 66% منذ أبريل لتقترب من حاجز 1500 دولار للأوقية، ما يؤكد الاتجاه الصعودي العام لسوق المعادن النفيسة.

 

بنك سيتي: الفضة في طريقها إلى 46 دولارًا خلال 2025

 

توقع محللو بنك «سيتي» أن تواصل الفضة صعودها خلال الأشهر الـ12 المقبلة، مرجحين وصول سعر الأوقية إلى مستوى 40 دولارًا خلال الفترة بين 6 إلى 12 شهرًا، مع احتمال أن تتجاوز 46 دولارًا بحلول الربع الثالث من عام 2025، مدفوعة باستمرار العجز في الإمدادات، وزيادة الاستثمارات المالية، واستقرار الطلب الصناعي.

 

خلاصة: الفضة على أعتاب مرحلة جديدة في سوق المعادن العالمية

 

في ظل التوترات التجارية المتصاعدة، وارتفاع تكاليف الاقتراض، والتوسع في استخدام الفضة في قطاعات التكنولوجيا والطاقة، يُتوقع أن تكون الفضة هي مفاجأة الأسواق خلال النصف الثاني من عام 2025. ويجمع المعدن الأبيض بين خصائص الملاذ الآمن والمكوّن الصناعي، ما يمنحه فرصة قوية لتحقيق مكاسب قياسية، خاصة إذا واصلت أسعار الذهب والبلاتين ارتفاعها.